التواصل التربوي و البيداغوجي

بواسطة : tifawt بتاريخ : الاثنين, يونيو 30, 2014
التواصل لغة، هو الإبلاغ و الاطلاع و الإخبار أي نقل «خبر ما» من شخص إلى آخر و إخباره به و إطلاعه عليه. و يعني التواصل وحدتي التواصل و التوصيل، أي إقامة علاقة مع شخص ما أو شيء ما، كما يشير إلى فعل التوصيل كما أنه يعني التبليغ، أي توصيل شيء ما إلى شخص ما و إلى نتيجة ذلك الفعل، كما يدل على الشيء الذي يتم تبليغه، و الوسائل التقنية التي يتم التواصل بفضلها.  

التواصل أيضا نقل معلومات من مرسل إلى متلقٍ بواسطة قناة، بحيث يستلزم ذلك النقل، من جهة، وجود شفرة، و من جهة ثانية تحقق عمليتين اثنين: ترميز المعلومات Encodage، و فك الترميز Décodage، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار طبيعة التفاعلات التي تحدث أثناء عملية التواصل، و كذا أشكال الاستجابة للرسالة و السياق الذي يحدث فيه التواصل.

«التواصل هو الميكانيزم الذي بواسطته توجد العلاقات الإنسانية و تتطور، إنه يتضمن كل رموز الذهن مع وسائل تبليغها عبر المجال و تعزيزها في الزمان. و يتضمن أيضا تعابير الوجه و هيئات (الجسم)، و الحركات و نبرة الصوت، و الكلمات، و الكتابات و المطبوعات و القطارات و التلغراف و التلفون و كل ما يشمله آخر ما تم من الاكتشافات في المكان و الزمان»

 ينبغي إذا التمييز بين الاتصال و التواصل من حيث الدلالة؛ فالاتصال من فعل اتصل يتصل إذ نقول: اتصل الأستاذ بالتلميذ، أي أقام معه صلة؛ و يفيد هذا المعنى أن المبادرة تأتي من جانب واحد هو الفاعل؛ أما التواصل، فهو من فعل تواصل و يتواصل، حيث نقول: تواصل الأستاذ و التلاميذ، و يفيد ذلك المشاركة ما دام الفاعل أكثر من فرد واحد؛ و ما دامت المبادرة تأتي من الطرفين معا. فالتواصل حوار يتبادل فيه الطرفان الحديث في دورة الكلام و الكتابة، حيث يكون أحد الطرفين مرسلا و الثاني متلقيا، و عندما يرد الثاني بالموافقة أو الاختلاف يصير مرسلا و المرسل أولا، يصير متلقيا. و هذا ما يفيده الفعل: يتحاورون أي يتراجعون الكلام. (ابن منظور). و تقتضي دورة الكلام تحاورا مفعما بالإنصات و الإصغاء. و يقول أحد الدارسين: "إن الإصغاء العميق كما يسميه كارل روجرز، هو الذي يسمح بالانتقال إلى مرحلة الاستيعاب التي تعكس أثناءها الأدوار، فيتحول المتلقي، الذي كان يصغي، إلى مرسل يسأل و يستفسر و يعطي رأيه بخصوص ما تم قوله في الشروط نفسها، و بالمقابل يتحول المرسل إلى متلق، فيغدو ملزما بالتدخل من أجل إظهار الفهم و الرضا اتجاه ما تلقاه و استوعبه."

 قواعد التواصل الفعال:

 تداولية التعبير: و هي ملائمة التعبير لمستوى أفراد المجموعة لأن التعبير عندما لا يكون ملائما للمستمع تقل حظوظ الإنصات إليه أو تنعدم.و ليس معنى ذلك أن يكون الأستاذ مخاطبا لامعا بل عليه أن يجعل تعبيره في مستوى فهم مخاطبيه. 

 الإنصات: و يعتبر دافعا أساسيا لشد اهتمام المخاطب بالموضوع و لجعل المخاطب يدرك أننا ننصت إليه، لا بد من اتخاذ المواقف التالية:
  •  الإلتزام بالهدوء: أي عدم مقاطعة المخاطب. 
  •  التسامح: أي الحياد و عدم الامتعاض من كلامه.
  •  التعاطف: أي الإنصات باهتمام بالغ و عدم الانشغال بأشياء أخرى.

 الحواجز التواصلية:

حواجز ذاتية: يكون مصدرها الأستاذ و تحدث عندما تنعدم مميزات التواصل الجيد التي منها: 
  • الصوت من حيث الشدة و القوة.
  • النطق السليم 
  •  وضوح الخطاب و شموليته.
  • الإيجاز غير المخل بالمعنى. 
  •  صحة المعلومات و تداوليتها عند أفراد المجموعة.
  •  مصداقية الخطاب.
حواجز موضوعية: ترتبط بالمجال و منها:
  •  المكان الذي يحدث فيه التعلم، فكلما كان الفضاء غير مريح نفسيا و جسميا... كلما كان التواصل دون المستوى المرغوب فيه و انعدام أثره الإيجابي. 
  •  التوقيت غير المناسب. 
  •  عدم ملاءمة الموضوع لحاجيات و انتظارات المتعلمين. 

 شروط بناء الخطاب التواصلي:

 لكي يكون للخطاب وقع إيجابي في مجموعة المتعلمين لا بد أن يحرص الأستاذ فيه على:
  • إثارة اهتمام المتعلمين و تحفيزهم بأن تولد عندهم حاجات تشدهم إلى الموضوع لتدمجهم فيه بالتدرج. 
  •  الإحاطة بكل جوانب الموضوع و أبعاده بشكل نسقي تفاعلي. 
  •  إبراز الأساليب الناجعة المعتمدة في مجال التعلمات. 
  •  العمل على بناء و ترسيخ مواقف و أنماط سلوك إيجابية تتعلق بالمتعلمين.
  •  تحديد الحيز الزمني الذي يمكنه أن يشد فيه اهتمام المتعلمين للموضوع لدرجة عالية.
  •  اعتماد لغة تواصلية تناسب المتعلمين.

 التواصل البيداغوجي:

 هو عملية تقتضي بالضرورة وجود شخصية تسمى "المدرس" كما تقتضي وجود شخصية أو أكثر تسمى "التلاميذ" و وسيلة التفاهم و التقارب بين المدرس و التلاميذ هي اللغة، و الأهداف المنشودة من هذا النشاط هي تحقيق مجموعة من التدخلات حول موضوع معين. و النتائج تقاس بمدى استيعاب التلاميذ لمجموعة من السلوكات في فترة محددة.

 الوظائف الأساسية للتواصل البيداغوجي:

 تختلف هذه الوظائف باختلاف العلاقة بين المدرس و التلاميذ ، فقد يكون التواصل مبنيا على التبادل كأساس لجوهر العلاقات الإنسانية. و قد يهدف إلى تبليغ معلومات و معارف تفرض أن ذهن المتعلم فارغ ينبغي ملؤه بما هو أساسي من مواد المعرفة. هذه الأخيرة التي تتوخى إحداث تأثير في فكر أو سلوك المتعلم و يمكن تقسيم هذه الوظائف إلى ثلاثة:

  1.   التبادل: مادام التواصل هو جوهر العلاقة الإنسانية. و ما دامت العلاقة الإنسانية تقوم على تبادل الخبرات و التجارب و المعارف، فلا بد أن يهدف التواصل إلى تبادل انطباعات و إرساليات. كل ذلك من أجل أن نفهم و نتعلم و نساهم في وجود المجتمع. و فيما يتعلق بالتواصل البيداغوجي فإن العلاقة بين المدرس و التلميذ يجب أن تنبني على التوازن. و يشكل التبادل أحد ركائزها الأساسية لأنه عبارة عن تبادل الآراء بين طرفين و تجاوز الآراء النهائية للمدرس. 
  2.  التبليغ: ينبغي نقل إرسالية أو إخبار، فالمرسل يحاول أن ينقل تجربة أو رسالة بواسطة أداة لمتلق يستقبلها. و تظهر هذه الوظيفة في مجال الأجهزة الإعلامية السمعية البصرية. و فيما يتعلق بالمدرس و التلاميذ، فإن التبليغ يفترض أن وظيفة المعلم هي تبليغ مضمون الرسالة بينما يقوم المتعلم بدور اكتساب ذلك المضمون. 
  3.  التأثير: و يظهر هذا المفهوم في الوظيفتين السابقتين. إذ أن التعبير عن تجارب أو معارف لا يفيد في تبليغ إرسالية للمتلقي بل أيضا يفيد في ممارسة التأثير عليه، ذلك أن فعل التعليم والتعلم هنا يكسب قيمته من خلال المتغيرات التي تحدث لدى المتلقي. 

متغيرات التواصل الابيداغوجي:

 المرسل: ينبغي أن يكون واعيا بكل أهداف العملية التعليمية (البرامج، الوسائل، المحتوى، الأهداف، التقويم و الدعم...) باعتباره الوسيط بين المعرفة و التلاميذ حسب التصورات السائدة، و يتعلق الأمر أيضا بالمهارات و كيفية العمل التي يحاول من خلالها المدرس أن ينمي لدى التلاميذ القدرة على الفعل و الإنجاز و كذلك القيم و المواقف المراد إثارتها أو تنميتها لدى التلاميذ و التي غالبا ما تمثل مواقف المدرسة كمؤسسة اجتماعية. إن وظيفة المدرس هنا ليست التكوين المعرفي فقط بل تكوين الشخصية أيضا.

 الرسالة: تحمل خطابين: المعرفة الانتقالية، الخطاب التربوي الهادف. و هي نسق من العلامات اللفظية و غير اللفظية خاضع لقواعد. ففي المجال اللفظي اللغوي يمكن أن نستعمل شفرة الكلمات و التراكيب بينما في المجال الحركي هناك نسق من حركات الجسم و الأعضاء. المتلقي: يشترط فيه اكتمال النمو الفيزيولوجي، السيكولوجي، الاجتماعي و اكتساب المعرفة المشروطة بالتواصل (الخطاب اللغوي).

 عناصر فعل التواصل البيداغوجي:

 لكي يكون هناك فعل تواصلي بين المدرس و تلاميذه لا بد من توفر العناصر التالية:
  1.  الأطراف الفاعلة في التواصل: و هي المدرس و التلاميذ بالإضافة إلى الوسائل المستعلمة في التواصل (اللغة، الحركات، و الأدوات).
  2. السياق الذي يتم فيه التواصل (مكان و زمان التواصل) 
  3.  سيرورة التفاعلات بين المدرس و التلاميذ أو بين التلاميذ أنفسهم. إذن فعل التواصل التربوي يمكن أن يحدد انطلاقا من جملة من الأهداف اللفظية و غير اللفظية التي يقوم بها المدرس و التلاميذ في وضعية معينة و منها ما يلي:
    • أفعال لفظية (سؤال، جواب، طلب، نداء، وصف، حكي...) 
    • أفعال غير لفظية (إشارة، تحية، وقوف، جلوس، نظر...)

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوضة لذى | |